(بين القرآن والسنة النبوية الصحيحة).
(بين القرآن والسنة النبوية الصحيحة).
• السنة اصطلاحًا: كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
• ما علاقة السنة بالقرآن؟
السنة قد تأتي مقررة لما ورد في القرآن، وقد تأتي مفصّلة لما أجمل في القرآن، وقد تشرّع أحكامًا لم ترد في القرآن أحيانًا، قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}،
وغير ذلك.
• لنقف عند الآية الأخيرة قليلًا:
قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، إذًا، هل كل ما ثبت عن الرسول ﷺ يجب الأخذ به؟ أم ننتقي من السنة ما أردنا ونترك ما كرهنا؟
يقول ابن كثير: (أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر).
وقال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
يقول السعدي: (أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك، ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك، ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك، وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً، فالحكم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم).
فواقع من ردَّ حديث النبي ﷺ بعد أن ثبتت صحته، أنه لم يعمل بأمْر الله تعالى بالأخذ بكل ما وردنا عن الرسول الكريم، وأن تسليمه ليس تسليمًا كاملًا، وانقياده ليس انقيادًا تامًا.
نعود..
فلا غنى للقرآن عن السنة، ولا غنى للسنة عن القرآن.
• قال تعالى مبيِّنًا مكانة السنة النبوية: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}.
يقول السعدي: (ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى الرسول أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما. فالرد إليهما شرط في الإيمان).
• وفي هذه الآية دليل على حفظ الله للسنة النبوية، إذ لا يمكن أن يأمرنا الله تعالى بردِّ أمورنا إلى ما هو مشكوكٌ أو متنازعٌ فيه.
• وفيها دليلٌ على انتفاء احتمالية وجود التعارض بين السنة النبوية الصحيحة وبين كتاب الله، إذ لن يأمرنا الله تعالى بردِّ أمورنا إلى مصدرين متناقضين.
وقال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله}.
يقول ابن كثير: (يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى).
• فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر واجبة، لأنها من طاعة الله.
• علِمنا الآن مكانة السنة، وعلِمنا وجوب الأخذ بها، لكن قد وردت بعض الأحاديث الصحيحة التي تعارض صريح القرآن الكريم؟
• فأقول وبالله التوفيق، قال أهل العلم (لا تعارض بين نصّين صحيحين ثابتين)، وأغلب ما يبدو لك تعارضًا هو في الحقيقة وهم، إذ لا يمكن أن يتعارض وحْيان، فكما أن القرآن وحي من الله، فالسنة كذلك وحي من الله، قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}.
يقول ابن باز: (ما هو إلا وحي يوحى، يعني: ما كلامه إلا وحي من الله، فإذا قال كذا أمر بكذا ونهى عن كذا فكله وحي من الله عز وجل بنص هذه الآية الكريمة). [نور على الدرب].
• فالأصل انتفاء التعارض لأن المشرِّع الحكيم واحد.
• فمن حاول بثَّ سمومه ليهدم بها الإسلام طاعنًا في السنة أو في بعضها ويلبِّس على الناس دينهم، فهذا نسأل الله أن يردَّ كيده في نحره، ومذهبه باطلٌ دينًا وعقلًا.
• أمّا من كان طالبًا للحق، فهنا أقتبس مقولة الشيخ حسن الحسيني، وكان دائمًا ما يكررها في دروسه: "لم يترك علماؤنا شبهة إلا وردُّوا عليها".
• وقال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، فالواجب عليك أخي أن تسأل، والحمدلله لا بلد مسلمة تخلو من وزارة أوقاف سنية، وأرقام العلماء وحساباتهم متوفرة على الشبكة، وكذلك المواقع المفيدة الموثوقة مثل (الإسلام سؤال وجواب) و (إسلام ويب).. فاطمئن أخي.
• ثم أقول لك وأحذِّرك، إياك أن تجتهد دون أن تملك أدوات الاجتهاد، لا تحاول أن تتعالم، وكثير من التائهين الآن كان هذا الأمر أصل خطئهم، لم يردُّوا الأمر لأهل الاختصاص، واجتهدوا دون أن يملكوا أدنى أدوات الاجتهاد ففشلوا، ثم استمسكوا بفشلهم وانتصروا له، بحجّة أن هذا اجتهادهم، وهو في الحقيقة عبث وليس باجتهاد، إذ أنك لم تمتلك من الأصل أدوات الاجتهاد لتجتهد، لم تمتلك العلم.
• وأدعوك أخي أن تتأمل كلام الصدِّيق أبي بكر فيما ثبت عنه في صحيح مسلم: (لَسْتُ تَارِكًا شيئًا كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَعْمَلُ به، إلَّا عَمِلْتُ به، إنِّي أَخْشَى إنْ تَرَكْتُ شيئًا مِن أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغ).
• لا تكن من الزائغين أخي..وليطمئن قلبك..والله المستعان.
تعليقات
إرسال تعليق