هل الإسلام دين تعصب وانتقام؟
• الشبهة: دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى.
• مضمون الشبهة: ادعاء أن الإسلام يدعو إلى التعصب والانتقام من مخالفيه ورفض الآخر وإهانته.
- وهذه الشبهة باطلة من عدة أوجه:
• أولًا: الإسلام دين رحمة وتسامح وسلام:
ومن ذلك أن الإسلام لم ينه عن بر غير المسلمين والقسط إليهم -في حال السلم- قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم}.
ومن ذلك أن الإسلام رعى حقوق غير المسلمين في معابدهم وكنائسهم، وذلك يتبين في رفض عمر -رضي الله عنه- الصلاة في كنيسة القيامة بعد طلب البطريرك منه ذلك خشية أن يأتي المسلمون بعد ذلك ويأخذونها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر.
وأقام الإسلام المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وفي سائر المعاملات، قال ﷺ: (ألا مَن ظلمَ مُعاهدًا، أوِ انتقصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئًا بغَيرِ طيبِ نفسٍ، فأَنا حَجيجُهُ يومَ القيامةِ). [صحيح أبي حبان، صححه الألباني].
• ثانيًا: أن ضوابط الحرب في الإسلام بمعزل عن التعدي والهمجية:
ففي صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمي: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا علَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بتَقْوَى اللهِ، وَمَن معهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قالَ: اغْزُوا باسْمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَن كَفَرَ بالله، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا..).
• ثالثًا: بالنسبة لوصف "الكفر".. فهذا الوصف يطلقه كل ذي دين على من يخالفه.. فهل يسمي غير المسلمين المسلمون مؤمنين مثلهم؟ لا شك أن موقفهم من الإسلام في مثل هذا هو كموقف غيره من الأديان والعقائد.
• رابعًا: حقيقة الجزية والغاية من فرضها:
فالجزية مبلغ زهيد من المال، مقابل الحماية واستخدام مرافق الدولة، وتؤخذ من القادرين فقط، ويعفى منها الشيوخ والصبيان والنساء والأطفال.. فإذا قمنا بمقارنة بين ما تحصله الدولة المسلمة من أهل الكتاب في مقابل ما تنفقه عليهم "في صورة إعانات أو مرافق يستخدمونها أو إعفاء من قتال" سوف نجد أن ما تنفقه الدولة أكثر بكثير مما تحصله منهم.
فهل هذا إرهاق بالضرائب أم رحمة الأسلام الواسعة؟
• خامسًا: شهادات غير المسلمين على سماحة الإسلام مع مخالفيه:
- يقول سير توماس أرنولد وهو أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية في مدرسة اللغات الشرقية بلندن في كتابه (الدعوة إلى الإسلام): "وإذا نظرنا إلى التسامح الذى امتد على هذا النحو إلى رعايا المسلمين من المسيحيين في صدر الحكم الإسلامي، ظهر أن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة التصديق... وإنما كان يدفع الناس إلى الإسلام بقوة ويجذبهم إليه هي تلك العقيدة".
- ويقول ول ديورانت المؤرخ والكاتب الأمريكي في كتابه (قصة الحضارة): "لقد كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد له نظيرا في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم".
• الخلاصة: أن أدنى تأمل في عقيدة الإسلام وتشريعاته الخالدة، يوضح أن الإسلام دين الرحمة والتسامح، وليس فيه ما يحض على الكراهية والعداء، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
تعليقات
إرسال تعليق